فصل: دخول قابوس صاحب جرجان وطبرستان في ولاية السلطان محمود.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.دخول قابوس صاحب جرجان وطبرستان في ولاية السلطان محمود.

قد قدمنا وفادة قابوس على الأمير نوح بن منصور بن سامان وعامله بخراسان أبي العباس تاس مستصرخا على بني بويه عندما ملكوا طبرستان وجرجان من يده سنة إحدى وسبعين وأقام بخراسان ثماني عشرة سنة وهم يعدونه بالنصرة والمدد حتى يئس منهم ولما جاء سبكتكين ووعده بمثل ذلك ثم شغله شغل بني سيجور ثم وعده السلطان محمود وشغلته فتنة أخيه واستولى أبو القاسم بن سيجور على جرجان بعد مهلك فخر الدولة بن بويه ثم مر من بخارى بالمسير إلى خراسان فسارإلى أسفراين واستمد قابوس رجال الديلم والجبل فأمدوه وظاهروه على أمره حتى غلب على طبرستان وجرجان وملكها كما يذكر في أخبار الديلم والجبل وكان نصر بن الحسن بن الفيرزان وهو ابن عم ما كان بن كالي ينازعه فيهما فآل الحال بنصر إلى أن اعتقله بنو بويه بالري واستقل قابوس بولاية جرجان وطبرستان وديار الديلم كلها من ممالك محمود.

.استيلاء السلطان محمود على الري والجبل.

كان مجد الدولة بن فخر الدولة صاحب الري وكان قد ضعف أمره وأدبرت دولته وكان يتشاغل بالنساء والكتاب نسخا ومطالعة وكانت أمه تدبر ملكه فلما توفيت انتقضت أحواله وطمع فيه جنده وكتب إلى محمود يشكوا ذلك ويستدعي نصرته فبعث إليه جيشا عليهم حاجبه وأمره أن يقبض على مجد الدولة فقبض عليه وعلى ابنه أبي دلف عند وصوله وطير بالخبر إلى السلطان فسار في ربيع من سنة عشرين وأربعمائة ودخل لمري وأخذ أموال مجد الدولة وكانت ألف الف دينار ومن الجواري قيمة خمسمائة ألف دينار ومن الثياب ستة آلاف ثوب ومن الآلات ما لا يحصى ووجد له خمسين زوجة ولدن نيفا وثلاثين ولدا فسئل عن ذلك فقال: هذه عادة وأحضر مجد الدولة وعنفه وعرض له بتسفيه رأيه في الانتصار عن جندراي منه وبعثه إلى خراسان فحبس بها ثم ملك السلطان قزوين وقلاعها ومدينة ساوه وآوه وصلب أصحاب مجد الدولة من الباطنية ونفى المعتزلة إلى خراسان وأحرق كتب الفلسفة والاعتزال والنجوم وأخذ مما سوى ذلك من الكتب مائة حمل وتحصن منه منوجهر بن قابوس ملك الجبل بالجبال الوعرة فقصده فيها ولم تصعب عليه فهرب منوجهر وتحصن بالغياض وبعث له بخمسمائة ألف دينارا استصلاحا فقبله ورجع عنه إلى نيسابور وتوفي منوجهر عقب ذلك وولي بعده ابنه أنوشروان فأقره السلطان على ولايته وقرر عليه مائة ألف دينار ضريبة وخطب للسلطان محمود في بلاد الجبل إلى أرمينية وافتتح ابنه مسعود زنجان وأبهر من يد إبراهيم السيلار بن المرزبان من عقب شوذان بن محمد بن مسافر الديلمي وجميع قلاعه ولم يبق بيده إلا شهرزان قرر عليه فيها ضريبة كما يأتي في أخبار الديلم ثم أطاعه علاء الدولة بن كاكويه بأصفهان وخطب له وعاد السلطان إلى خراسان واستخلف بالري ابنه مسعودا فقصد أصفهان وملكها من علاء الدولة واستخلف مسعود عليها بعض أصحابه وعاد عنها فثار أهلها بعامله وقتلوه فرجع إليهم واستباحهم ثم عاد إلى الري فأقام بها.

.استيلاء السلطان محمود على بخارى ثم عوده عنها.

كان ايلك خان ملك الترك وصاحب تركستان لما ملك بخارى من يد بني سامان سنة تسعين وثلاثمائة ولى عليها ورجع إلى بلاده كما مر وكان الغز أحياء بادية بضواحي بخارى وزعيمهم أرسلان بن سلجوق عم السلطان طغرليك وكان بينه وبين ايلك خان وأخيه بقراخان حروب وفتن بسبب استظهار بني سامان بهم فلما ملك ايلك خان بخارى عرف لأرسلان بن سيجور حقه ورفع محله وهو مع ذلك مستوحش وكان على تكين أخو ايلك خان وحبس أرسلان ولحق ببخارى فاستولى عليها وطلب موالاة أرسلان بن سيجور فوالاه واستفحل أمرهما ونهض إليهما ايلك خان وقاتلهما فهزماه واستوثق أمر تكين في بخارى وكان يسيء جوار السلطان محمود بن سبكتكين في أعماله ويعترض رسله المترددين إلى ملوك الترك فأحفظ ذلك السلطان وأجمع المسير إليه فنهض من بلخ سنة عشرين وأربعمائة وعبر النهر وقصد بخارى فهرب منها على تكين ولحق بايلك خان ودخل السلطان بخارى وملك سائر أعمالها وأخذ الجزية من سمرقند وأجفلت أحياء الغز وأرسلان بن سلجوق وتلطف في استدعائه فلما حضر عنده تقبض عليه وبعثه إلى بعض قلاع الهند وحبسه بها وسار إلى أحياء الغز فنهبهم وأثخن فيهم قتلا وأسرا ورجع إلى خراسان.